1-منظومة القيم - منهج تربوي كامل بل منهج حياة


 الحمد لله وحده ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ، أما بعد 

فإن أزمتنا – نحن المسلمين – في الواقع المعاصر ؛ لا تعود إلى قلة الموارد البشرية والمادية ، كما لا تُعزى إلى قصور حضاري أو تشريعي ، ولا نشتكي – بحمد الله - فقرًا في الجانب المعرفي أو التنظيري ، وإنما تتلخص الأزمة في القصور الأخلاقي ، والتراجع القيمي ، مما أدى إلى خلل سلوكي تطبيقي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والإعلامية والفنية وغيرها .
لقد أصبحت القيم قضية العصر ؛ لأن التقدم الباهر في التقنيات العلمية، والحقائق المعرفية ، والصناعات التكنولوجية في زمن العولمة ... كل هذا لم يحقق التوازن النفسي للإنسان بل لم يزده إلا تشوهًا في السلوك ، واضمحلالا في المعاني الروحية والجمالية والجماعية ، ومن ثم ؛ لم يعد الصراع سياسياً ولا عسكرياً ؛ بقدر ما هو صراع قيم يُريد الغالب أن يفرضها على المغلوب... وقضية القيم محورية بالنسبة لكل أمة ؛ لأنها : " القناعات والمعتقدات التي يؤمن بها الإنسان ، والتي توجه رغباته واتجاهاته ، وتحدد طبيعة سلوكه نحو الأشياء والموضوعات المختلفة ، ولأنها المقوم الأصلي لبناء شخصية الفرد ؛ فإنها كذلك المقوم الأساسي لبناء الضمير الجمعي للأمة ؛ لأن المجتمع مجموعة من الأفراد.
وترجع أزمة القيم في واقعنا المعاصر إلى سببين :
 الأول: تخلي الوسائط المؤثرة في بناء القيم عن دورها بدرجة كلية أو جزئية ؛ مما أدى إلى هشاشة البناء القيمي وضعف تأثيره المطلوب... ومن ثم ؛ عاد التأثير الأقوى إلى دور المدرسة كمحضن متخصص له رؤية ورسالة وأهداف مرحلية ونظام متكامل معني بتحقيقه.
 
السبب الثاني : تراجع دور المدرسة كمعقل أخير مسؤول عن إدارة هذا الصراع الذي خلفته نواتج العولمة المفروضة على المجتمعات المختلفة ، والتي تقضي بإلغاء الخصوصيات الحضارية والثقافية للأمم ، حتى تذوب كلها في ثقافة الرجل الأوروبي والذي أفلست حضارته من القيم منذ زمن بعيد ، وأنهكته أخلاق الأنانية والمصلحية والفوضى والمادية ...
ويعزي تراجع دور المدرسة عن رسالة القيم إلى الانفصال الحاصل بين المعرفة والسلوك" فالمناهج ممتلئة بكم هائل من المعرفة ، والسلوك غائب ! ومن ثم ، قادتنا المعرفة وحدها إلى تكنولوجيا الحرق والتدمير !
ومن المهم هنا ألا ننخدع بحديث الغرب عن القيم أو تمسكه ببعض مظاهرها ؛ لأن الغرب حين يتبنى منظومة قيمية  أو يلتزم مبادئ أخلاقية؛ فإنه يتبناها من منطلق نفعي بحت ، فالنظام والنظافة والإخلاص وعدم الغش .... كلها قيم لأجل إرضاء الزبون ، وتفهُم سياق التنافس التجاري، والسباق المصلحي ، لا لوازع أخلاقي أو باعث قيمي ، والعجيب أنهم لا يستحيون من التصريح بذلك ، كما قال آدم سميث منظر الليبرالية في كتابه ثروة الأمم : لا نعتبر طعامنا من الجزار أو الخباز منة منهما ، بل إنه يفعل هذا للفائدة التي تعود عليه ، إننا لا نخاطب إنسانيته بل أنانيته ، لا نتكلم عن حاجاتنا بل مصلحتهم ".وهكذا أثمرت الحضارة الغربية بقيمها الناعمة نواتج لا تخطئها عين الناظر مهما كان أعشى!
إن سيطرة الإنسان على الكون بمعزل عن القيم تؤدي إلى الفساد بجميع أنواعه ! ومن ثم ؛ كان العالم بحاجة إلى عودة قيم الوحي وأخلاق الانبياء ومسالك الصلحاء الذين يأخذون بأيدي الناس إلى تحقيق التوازن بين الروح والجسد، بين الحياة المادية والإيمانية ، بين الطبيعة البهيمية في الإنسان والطبيعة الملكية، ليصبح مؤهلًا للتكريم الذي منحه الله ، ملائمًا للتسخير الذي أخضع الله له به الكون بطاقاته ومقدراته ليقوم على إصلاح الدنيا بالدين وعمارة الأرض بوحي السماء، وتلك رسالة القيم.
لقد جاء الإسلام بمنظومة متكاملة من القيم ذات أبعاد إنسانية وكونية تنطلق من رؤية متوازنة للكون والحياة والمصير، وتصاغ في أفكار ومفاهيم واقعية ومسالك أخلاقية تحقق الأمل المنشود وتليق بالتمكين الموعود.
 
المحور الأول  : منظومة الفرقان القيمية (بالفرقان الابتدائية )
وتأتي منظومة الفرقان القيمية في ستين قيمة موزعة على المراحل الأربع بالمجمع التربوي :
مرحلة التعليم المبكر .
المرحلة الابتدائية من الصف الثالث وحتى السادس .
والمنهج يخاطب المعلم أولًا بحيث يعينه على الإلمام المعرفي والتمثل الوجداني والنضوج السلوكي والمهاري .. وفيه من التنوع ووفرة الطرح وكثرة النصوص بحيث يختار المعلم ما يناسب المرحلة ، ويوافق البيئة الطلابية على اختلافها وتنوعها ، ويجد المعلم في خدمة كل قيمة أبوابًا ثابتة أهمها :
تهيئة لاستقبال الموضوع من خلال سؤال أساسي عام وتحته جملة من الأسئلة الموجهة يشارك الشباب فيها بمناقشة حرة مفتوحة ، مع الحرص على مشاركة جميع الطلبة.
نص فيه جدة وطرافة يستثير همم الطلاب للموضوع ، وتحته أسئلة للمناقشة وتكوين الرأي العام للقضية.
مجموعة من المفاهيم المتعلقة بالموضوع ، يحرص المعلم على تجليتها للطلاب من خلال المواقف التعليمية المختلفة.
مجموعة من الأهداف المعرفية والسلوكية والوجدانية يتوقع من الطلاب بعد نهاية الدرس تحقيقها والعناية بتمثلها.
خدمة الموضوع بعدد وفير من النصوص ، من الكتاب ، والسنة ، والآثار الواردة عن السلف ، وعيون الأشعار المروية ، يختار منها المعلمون ما يوظفونه في التخطيط للموقف التعليمي والتعلمي .
مجموعة من التطبيقات الإيجابية وأخرى سلبية ، تستوعب واقع المجتمع الطلابي بممارساته المختلفة ، وتمتد إلى الواقع العام للأمة بآمالها وآلامها ، بحث يمثل إسقاطها على الواقع توجيها مباشرا للقيم وتعديلًا للسلوك.
وقد راعينا دمج كل موضوع من موضوعات القيم المختلفة بموضوعات العلوم الأخرى التي تتصل به ، فنذكر صلته بالشريعة من حيث التأصيل ، وبالتاريخ من حيث تتبع معاني القيمة وتطبيقاتها على مدار العصور ، وبالأدب فنربط المعلم والطالب بنموذج لأهم ما قيل في معنى القيمة من الإبداعات الأدبية شعرا ونثرا .
ومن أهم مزايا المنهج ، الاهتمام بالأنشطة اللاصفية المصاحبة ، وتنوعها بحيث تستجيب لمختلف الطاقات الشبابية ، سواء العقلية والثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية والدينية ، كما روعي فيها الاستجابة للبعد الفردي والجماعي.
وقد تم إعداد عرض تقديمي "بوربوينت" لكل درس يمكن للمدرس الاستعانة به من خلال السبورة الضوئية.
  ويتم دراسة كل قيمة على مدار خمس حصص ، أربع منها تعالج الجوانب المختلفة للموضوع بحيث يختار له من بين الأهداف والنصوص الموجهة مع تهيئة خاصة وأنشطة خاصة ...والحصة الخامسة مفتوحة للأنشطة والتطبيقات العملية والتقويم الذاتي والخارجي. 
وأما أولياء الأمور فنضع بين أيديهم ملفا تعريفيا لكل قيمة يشمل أهم عناصرها وأهدافها وبعض الخرائط المفاهيمية المعينة على تصور القيمة وأهم المراجع التي يمكن أن يحتاج إليها الأبناء والآباء .
وسنضع بين أيديكم رابط للاطلاع على الملف كاملا 
https://alforqanschools-my.sharepoint.com/:b:/g/personal/tech34_alforqanschools_onmicrosoft_com/EVmpO7vstShEmvt4LnNwZE4BpkTc25q9aTUPn5N_e_St5A?e=YrQN7s
 (قم بنسخ الرابط كاملا ثم ضعه بالمستعرض واضغط ذهاب يفتح لك مباشرة بإذن المولى )